مقام السیدة المعصومة (س)

bolandnazar

السيدة فاطمة المعصومة (ع)؛ ( 173 – 201 هـ) بنت الإمام الكاظم (ع) من نساء أهل البيت (ع) ومدفونة في مدينة قم، وتحظى بمنزلة خاصة بين المؤمنين من أتباع أهل البيت (ع).

خرجت من المدينة في سنة 201 للهجرة؛ لزيارة أخيها الرضا (ع) في طوس، إلاّ أنها مرضت أثناء الطريق، وتوفيت بعد وصولها مدينة قم.

وذكرت لها ألقاب منها: الطاهرة، والحميدة، والبرّة، والتقية، والنقية، كما أنها كانت تلقب بالمعصومةعليها السلام أيضاً، وأنّ هذا اللقب أشهر ألقابها، وقد ورد عن الإمام الرضا (ع): “مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ فِي قُمٍّ فَلَهُ الْجَنَّةُ”.

 

ولادتها ونسبها

لم تسجل لنا الوثائق التاريخية القديمة يوم ولادة السيدة المعصومةعليها السلام، إلاّ أنّ المصادر المتأخرة سجلت لنا أن ولادة فاطمة بنت موسىعليه السلام كانت في المدينة المنورة غرّة ذي القعدة الحرام سنة 173 هـ.. أبوها سابع أئمة الشيعة الإمام موسى بن جعفر الكاظمعليه السلام. وقد ذكر الشيخ المفيد ابنتين للإمام الكاظمعليه السلام يحملان اسم فاطمة الأولى فاطمة الصغرى والأخرى فاطمة الكبرى. وأضاف ابن الجوزي فاطمة الوسطى والأخرى. أمها السيدة نجمة خاتون، كما أن السيدة المعصومة شقيقة الإمام الرضاعليه السلام أيضاً.

أسماؤها وألقابها

وقد ذكرت لها ألقاب من أشهرها: الطاهرة، والحميدة، والبرّة، والتقية، والنقية، والرضية، والمرضية، والسيدة.[5] وبأخت الرضاعليه السلام.

المعصومة

وقد روي بأنها كانت تلقب بالمعصومةعليها السلام،وأن هذا اللقب أشهر ألقابها، وهو كما ورد عن الإمام الرضا (ع): مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ فِي قُمٍّ فَلَهُ الْجَنَّةُ.

كريمة أهل البيت

وتشتهر اليوم بلقب كريمة أهل البيتعليه السلام أيضاً، ويبدو أنّ هذه التسمية تعود إلى رؤيا السيد محمود المرعشي النجفي والد السيد المرعشي، حيث أوصاه أحد المعصومين (ع) في المنام أن يزور السيدة المعصومة (ع) واصفاً إياها بـ”كريمة أهل البيت”.

خصائصها وصفاتها الشخصية

ورد في المصادر والنصوص الدينية أنه لم يبلغ أحد من أبناء الإمام الكاظمعليه السلام مع كثرتهم – باستثناء الإمام الرضاعليه السلام- ما بلغته السيدة المعصومةعليها السلام من منزلة ومكانة مرموقة. وقد صرّح الشيخ عباس القمي بأن «أفضل بنات الإمام الكاظمعليه السلام السيدة الجليلة المعظمة فاطمة والشهيرة بالمعصومة»

مكانتها العلمية

يدل على مكانتها العلمية ما ورد في بعض الوثائق التاريخية من أنّ جماعة من الشيعة قصدوا المدينة يريدون الإجابة عن بعض الأسئلة التي كانت معهم، وكان الإمام الكاظمعليه السلام مسافراً خارج المدينة، فتصدت السيدة فاطمةعليه السلام للإجابة، وكتبت لهم جواب أسئلتهم. وفي طريق رجوعهم من المدينة التقوا بالإمامعليه السلام، فعرضوا عليه الإجابات، وعندما اطّلع الإمامعليه السلام على جوابها قال ثلاث مرات: «فداها أبوها»

عدم زواجها

نقل اليعقوبي أنّ عدم الزواج يعود إلى وصية من الإمام الكاظمعليه السلام حيث أوصى-على حد تعبير اليعقوبي- بأن بناته لا يتزوج من أحد. وقد ردّ البعض هذا الرأي مستنداً إلى جهالة راويه، وأنّه مما تفرّد بنقله أحمد بن يعقوب (اليعقوبي)، وهو غير كافٍ لإثباته وهو مخالف للسيرة والتاريخ، يضاف إلى ذلك أنّ رواية الكافي تؤكد أن الإمام الكاظمعليه السلام لم يمنع من الزواج، وإنما أرجع ذلك إلى ولده الإمام الرضاعليه السلام، حيث قالعليه السلام: «ولا يُزَوِّجُ بناتي أَحدٌ من إِخوتهنَّ من أُمَّهاتهنَّ ولا سلطانٌ ولا عَمٌّ إِلَّا برأْيِه- يعني الإمام الرضاعليه السلام- ومشورته فإِنْ فعلُوا غير ذلكَ فقدْ خالفُوا اللَّهَ ورسولهُ»

و إنّ نظرة فاحصة إلى مُجمل الأوضاع العصيبة التي عاصرتها السيّدة المعصومة عليها السّلام، والضغط الشديد والإرهاب اللذين تعرض لهما العلويّون والطالبيّون في عهد هارون الرشيد، انتهاءً بالاعتقال والقتل الفجيع الذي تعرّض له كبيرهم الإمام الكاظم عليه السّلام، يجعلنا ندرك سبب عدم زواج السيدة المعصومة وأغلب بنات الإمام الكاظم عليه السّلام.

و لقد كان العلويّون والطالبيّون مُلاحَقين مُشرّدين، يلاحقهم جلاوزة الرشيد أينما حَلُّوا. أما الأكفاء من الآخرين، فالظاهر أنّ أحداً منهم لم يجرأ ـ وهو يعرف عداء الرشيد للكاظم عليه السّلام، على التعرّض لسخط هارون من خلال مصاهرته للإمام الكاظم عليه السّلام، كما ندرك الحكمة التي جعلت الإمام الكاظم عليه السّلام، وهو العارف بهذا الظرف العصيب، يخصّص أرضاً معيّنة لتُوزّع عائداتها على بناته إن فقدن المُعيل الذي يُعيلهنّ.

و يبقى أمر عدم زواج السيّدة المعصومة، وأغلب أخواتها الأخريات من بنات الإمام الكاظمعليه السلام أحد الشواهد على الظلم والإرهاب الذين تعرّض لهما أهل البيت عليهم السّلام في زمن العبّاسيين عامّة، وفي عصر الرشيد على وجه الخصوص.

الأحاديث المروية عنها

روي عن فاطمة المعصومةعليها السلام مجموعة من الروايات كحديث الغدير وحديث المنزلة وحديث حبّ آل محمد، وفي فضل الإمام عليعليه السلام وشيعته. وغير ذلك من الأحاديث.

هجرتها إلى بلاد فارس ووصولها الى مدينة قم

قال صاحب تاريخ قم: «إنّه لما أتى المأمون بـالرضاعليه السلام من المدينة إلى مرو لولاية العهد في سنة 200 من الهجرة، خرجت فاطمةعليها السلام أخته تقصده في سنة 201 هـ فمّا تلقت كتاب أخيها الرضاعليه السلام استعدت للسفر نحو خراسان. فخرجت مع قافلة تضم عدداً من إخوتها وأخواتها وأبناء إخوتها، وعندما وصلوا إلى مدينة ساوة الإيرانية تعرضت القافلة لهجوم، فقتل على إثره إخوتها وأبناء إخوتها فمرضت السيدة فاطمةعليها السلام بعد مشاهدتها لهذه المناظر المأساوية والجثث المضرجة بدمائها. فأمرت خادمها بالتوجه بها إلى أرض قم.

و في رواية أخرى أنّه لمّا وصل خبر مرضها إلى قم، استقبلها أشراف قم (آل سعد)، وتقدمهم موسى بن خزرج، فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها، وجرها إلى منزله. وقد أرّخت بعض المصادر المتأخرة ذلك في الثالث والعشرين من ربيع الأول. فكانت في دار موسى بن خزرج سبعة عشر يوماً أمضتها بالعبادة والابتهال إلى الله تعالى.

مصلّى السيّدة المعصومة

ما يزال المحراب الذي كانت السيّدة فاطمة تصلّي فيه في دار موسى بن خزرج ماثلاً إلى الآن ويسمى بيت النور، يقصده الناس لزيارته والصلاة فيه. وقد جُدّدت عمارته خلال السنوات الأخيرة، وشُيّدت إلى جانبه مدرسة لطلبة العلوم الدينيّة تعرف بـ«المدرسة الستّيّة». يقع المحراب في شارع قريب من الصحن الشريف، ويُعرف بشارع «جَهار مَرْدان» على يسار الذاهب من الروضة الفاطميّة، وهو مزدان بالقاشاني المعرّف، وعلى مدخله أبيات بالفارسيّة، تعريبه:

لقد شُيِّد هذا البناء المُنير إجلالاً لبنت موسى بن جعفر، حيث مَثُل فيه محراب فاطمة المعصومة، فزادت به «قم» شرفاً على شرف.

وفاتها

لم تسجل المصادر التاريخية القديمة تاريخ وفاتها إلاّ أن المصادر المتأخرة سجلت ذلك في 10 ربيع الثاني من سنة 201 هـ عن عمر ناهز الثامنة والعشرين.ومنهم من ذهب الى أن وفاتها كانت في 12 من ربيع الثاني.

و لما توفيت فاطمةعليها السلام وغسلت وكفّنت، حملوها إلى مقبرة بابلان والتي تعود ملكيتها الى موسى بن خزرج، ووضعوها على سرداب حفر لها، فاختلف آل سعد في من ينزلها إلى السرداب، ثم اتفقوا على خادم لهم صالح كبير السن يقال له قادر، فلما بعثوا إليه رأوا راكبَين مقبلين من جانب الرملة وعليهما اللثام، فلما قربا من الجنازة نزلا، وصليا عليها، ثم نزلا السرداب، وأنزلا الجنازة، ودفناها فيه، ثم خرجا، ولم يكلما أحدا، وركبا، وذهبا، ولم يدر أحد من هما. وبنى عليها موسى بن خزرج سقيفة من البواري، فلمّا كانت سنة 256 هجرية جاءت زينب بنت محمد بن علي الجوادعليه السلام لزيارة قبر عمتها فبنت عليها قبّة.

مزارها (عليها السّلام)

يرجع تاريخ القبّة الحاليّة على قبر السيّدة المعصومة إلى سنة 529 هـ، حيث بُنيت بأمر من المرحومة (شاه بيكم بنت عماد بيك). أمّا تذهيب القبّة وبعض الجواهر التي رصّع بها القبر الشريف، فهي من آثار فتح علي شاه القاجاريّ. وفوق قبر السيّدة فاطمة صخرة عليها نقش كهيئة المحراب، تحيط به آية الكرسيّ، وكُتب في وسطه «توفيّت فاطمة بنت موسى في سنة إحدى ومائتين.»

فضل زيارتها

ورد عن المعصومينعليه السلام ما يدل على فضل زيارتهاعليها السلام، فقد روي عن الإمام الصادقعليه السلام أنّه قال: «إنّ لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسولصلی الله عليه وآله وسلم حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنينعليه السلام حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم.»

وفي رواية أخرى عنهعليه السلام: «ستدْفنُ فيه – أي: في قم- امرأَةٌ من ولدي تُسمَّى فاطمةَ بنت موسىعليها السلام يدخل الشيعة الجنة بشفاعتها.»

وفي رواية أخرى أنّ زيارتها تعادل الجنة.[33] وروي عن الإمام الرضاعليه السلام أنه قال: «من زارها كمن زارني.»

وعنه أيضا: «من زارها فله الجنة.»

وروي عن الإمام الجوادعليه السلام أنّه قال: «من زار قبر عمتي بقم عارفا بحقها فله الجنة».

منبع: ویکی شیعه